انطلقت اليوم الجمعة، الجلسة الأولى من أعمال مؤتمر التحالف الديمقراطي السوري، اذ ناقشت الجلسة المشاركة والانخراط الأوروبي في القضية السورية في ظل التغيرات الجيوسياسية عالميا والوضع الإنساني المتردي.
“شتيفان شنيك“ السفير والمبعوث الخاص للحكومة الألمانية إلى سوريا، قال: “إن ألمانيا استطاعت أن تستقبل الكثير من السوريين الذين تمكنوا من الاندماج في المجتمع الألماني وهذا مؤشر جيد، مؤكدا أن حضوره تعبير عن امتنان من الحكومة الألمانية لمشاركة القوى السياسية في الحوار”.
ووجه شنيك الشكر إلى الأكاديمية الإنجيلية “لوكم”، وهي بالمناسبة كنيسة فرنسية والتي تعود إلى القرن السابع والثامن عشر والتي بالمصادفة ترتبط بقضية الاندماج بين المجتمعات وبعضها البعض”، موضحاً أنه “رغم الأخطاء والانتقادات التي طالت السياسة الخارجية الألمانية، إلا أن ألمانيا لاتزال ملتزمة بسياسة الاتحاد الأوروبي في التعامل مع القضية السورية”.
وتابع: “قرار الأمم المتحدة ملزم بالنسبة لنا بما يشكله إطارا موجها لنا ولعمنا وتعاملنا مع السوريين والسوريات، وهذا القرار استوحى منه الاتحاد الأوروبي مبادئه”، لافتاِ إلى أن “السياسة الألمانية تعتمد على 6 أهدافه التي وضعها الاتحاد الأوروبي في مقدمتها الانتقال السياسي لتحقيق سلام دائم عن طريق التفاوض والتحالف السوري يفعل ذلك ويريد أن يتفاوض وهذا مبدأ نسترشد به إلى اليوم، وهذا جزء من التزامنا، وهناك مشاكل وفاعلين في سوريا ومنها الأسد الذي غير مستعد للحوار”.
السفير والمبعوث الخاص للحكومة الألمانية إلى سوريا، ذكر أن “الحكومة الألمانية، لابد أن تقول الامور ببساطة، ألمانيا والاتحاد الأوروبي يريدان حفظ أرواح المواطنين، ونوجه الشكر للبرلمان الألماني الذي وفر المال لذلك. واعتقد أننا قمنا بما علينا ومازلنا وهناك ضرورة بأن نتعاون مع المجتمع المدني في سوريا.
وأضاف “شنيك” أن هدف ألمانيا دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، في إطار الأمم المتحدة وهيكليات كثيرة، مشيرا إلى أن ألمانيا سطرت التاريخ في محكمة كوبلنز والتي قامت بالمساءلة لأفراد النظام وليس الثأر، ونحن ندعم العديد من المنظمات من أجل الإجراءات المساءلة، وكذلك من أجل السلام الدائم.، موضحاً إلى أن “هناك سعي للدعم الإنساني الضروري والسريع إضافة إلى الدعم السياسي، نعرف أن التطبيع وهم ولن يؤدي إلى شيء وقلنا ذلك للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، ونريد أن ندعم في سوريا وتخفيف معاناتهم بقدر ما نستطيع”.
“كريستين هيلبرغ” الصحفية الألمانية والخبيرة في الشأن السوري، أكدت أن الصراع بين إسرائيل وغزة والآن في لبنان، أثر بشكل كبير على الأزمة السورية”، مؤكدة أن “الكثيرون يقولون إن الصراع الحالي بمثابة هناك تصفية حسابات بين حزب الله وإسرائيل بعد الهجمات التي قامت بها إسرائيل في سوريا وهجوم القنصلية الإيرانية في سوريا”.
وقالت الصحفية الألمانية: إن “بشار الأسد وتركيا استفادا من أجل تأجيج الوضع في المنطق، وهناك حالتان نفذتها تركيا بهجمات بالطائرات المسيرة على شمال غرب سوريا والمناطق الشرقية وهذا لم يلق الانتباه”، ولفتت إلى أن “محور المقاومة وهنا تسعى لإيران لتحرك أذرعها، ويستفيد بوتين لهذا الوضع ليست فقط لحربه في أوكرانيا وتشتيت الانتباه عنها، بل سعيه أيضا لدعوة حماس وفتح للحوار في موسكو للمصالحة، وتقديم نفسه على الوساطة بين النظام السوري وتركيا”.
“الخبيرة في الشأن السوري “هيلبرغ”، ذكرت أنه “بالنسبة للقوى الإيرانية الموجودة في غرب سوريا، هي مستفيدة أيضا، وإذا كسب دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل قد يسحب القوات الأمريكية من سوريا، مثلما فعل في فترة رئاسته الأولى”، موضحة أن “داعش أيضا بدأت بالقيام بالعمليات الإرهابية حتى في أوروبا وتعززت قوتها في السنوات الأخيرة”.
وأضافت الصحفية “هيلبرغ” “هناك محاولات ربما لتحويل إدلب إلى غزة من خلال دفع الناس للعيش في المخيمات، مضيفة أن “النظام مستقر في الداخل رغم الرفض الاجتماعي له مثل ما حدث في السويداء، ومدن الساحل.، مشيرة إلى أنه “من ناحية السياسة الخارجية للنظام السوري فهو مرهون لإيران وروسيا ومضطر بتقييد بيع الكبتاغون وهو يعيش على بيع المخدر، لكن سوريا الأسد ستواصل في زعزعة الاستقرار في المنطقة”.
كما أكدت أن “سياسة الحكومية الألمانية هي التي أعطت فرصة لصعود اليمين المتطرف، وعززت دعوات الترحيل، وأن المستشار الألماني أولاف شولتس تحدث بنفسه للترحيل.
أولريش ليشته: الحكومة الألمانية الحالية لن تطبع مع نظام الأسد”.
ليشته: في مرحلة ما سيتعين علينا التواصل بطريقة ما مع نظام الأسد
بدوره رد “أولريش ليشته”، عضو الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا، “FDP”، إنه لطالما أن الحكومة الألمانية الحالية موجودة لن يكون هناك علاقة أو تطبيع مع نظام الأسد.
يشار إلى ان حزب FDP ليبرالي التوجه مؤيد لقطاع الأعمال ويشارك في الائتلاف الحاكم. ويعتبر مهندس السياسة الخارجية الألمانية.
وأضاف ليشته أن رغم الانشغال بالحرب في غزة إلا أن الهيئة البرلمانية للائتلاف الحاكم تناقش القضية السورية مع وزارة الخارجية، كما أن البرلمان الألماني يناقش الآن الوضع في أفغانستان وتمديد المهمات هناك، بالإضافة إلى متابعة لقضايا كثيرة في المنقطة.
وتابع عضو البرلمان الألماني: “نظام الأسد موجود وهذا حقيقة، وهناك دولة مثل روسيا لديها حق النقض في مجلس الأمن وبوتين تدخل مباشرة في سوريا، وسوريا من أسوأ الدول من الناحية الديمقراطية”.
“ليشته” أبدى سعادته بالخطاب الليبرالي الذي يتبناه التحالف السوري الديمقراطي، مؤكدا أن الليبراليين يطالبون بالحرية، وفي سوريا لا توجد حريات، موضحاً أن نظام الأسد لا يزال قائما وسيأتي يوما وستتحدث معه الحكومة الألمانية وعملية الترحيل التي جرت إلى أفغانستان والتي قالت عنها وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بأنه لم يتم التواصل مباشرة مع الحكومة الأفغانية الحالية والتي تمثلها طالبان، بل عن طريق وسيط، وفي مرحلة ما سيتعين علينا التواصل بطريقة ما مع نظام الأسد.
وذكر المسؤول الألماني: “نعتقد أننا بحاجة إلى موقف أوروبي موحد بخصوص الصراع في الشرق الأوسط”، مشيرا إلى هناك حاجة لتوضيح حقيقة الوضع في ألمانيا وكيف أنه يتم السماح بمظاهرات فلسطينية للتضامن مع غزة، وإنما يتم منع التظاهرات غير المرخصة فقط”، مؤكداً أنه “في ألمانيا هناك حرية تعبير وتظاهر، وهناك كثيرون يقولون إن أبناء المواطنين السوريين يمارس عليهم الإرهاب ولكني لم أر ذلك”، لكنه قال إن “الحزب الاشتراكي الديمقراطي يناقش تلك القضايا وهناك خطاب سياسي متداول مناهض للاندماج لتحميل الشباب السوري إلى كبش فداء”.
“ليشته”، أضاف: “البعض يقول إن إسرائيل دولة ظالمة ومارقة فالمنطقة حاليا تتعرض لخطر وقوع حرب إقليمية ونحن نعمل يوما بيوم للحيلولة دون ذلك، وتغير السياسة الألمانية أيضا مؤخرا، مثل عمليات الترحيل الأخيرة للمجرمين، وليس اللاجئين، وتبدو مسألة تفوق اليمين المتطرف في الشرق الألماني وليس في الغرب الألماني، أمرا كارثيا”.
وأوضح أنه “طالما حكومة الأسد موجودة لا يوجد ترحيل.. المواطن الألماني العادي يجن جنونه السياسي بين الحين والآخر، وهناك الكثير من الأشخاص يعيشون من 30 أو 40 عاما في ألمانيا، وإذا قاموا بالاحتجاج ليوم واحد فقط، ستكون ألمانيا في كارثة”.
ورفض عضو البرلمان الألماني أن “التعميم ووضع السياسيين في خانة المؤيدين لترحيل المهاجرين، مؤكدا أن ذلك غير صحيح، “لو أننا كذلك، لكنا نلاحق الأجانب ونبدأ ما بدأه اليمين المتطرف لكننا نعمل على تعزيز الحوار ومواجهة تلك السرديات”.
كارستن فيلاند: اندماج السوريين في ألمانيا يدحض تماما دعوات الترحيل
بدوره قال “كارستن فيلاند” الباحث الألماني: إن “وجودنا هنا وعقد مؤتمر التحالف السوري الديمقراطي يشير إلى الحاجة إلى الحوار والنقاش، تجارب الاندماج السوري في ألمانيا جديرة بالإشادة وتعكس تشاطر المجتمع الألماني مع المجتمع السوري، مستطردا: “بطبيعة يدحض تماما دعوات الترحيل خارج ألمانيا”.
ولفت إلى ضرورة عدم التطبيع مع نظام يحتقر مواطنيه ويقمعهم، مشيرا إلى أنه كان من الممكن أن يتم التدخل في سوريا لحماية المواطنين السوريين ضد النظام وحظر الطيران، لكن ذلك أن يحدث”، موضحاً أن “المجموعات السورية المعارضة كان بإمكانها التعاون مع بعضها البعض للوقوف في وجه النظام، وألمانيا حاولت أن تنشئ جسرا بين العالم العربي والأوروبي ونقل الأزمة من الجانب العسكري إلى السياسي وألمانيا حريصة على مساءلة ومحاسبة أنصار الأسد المتورطين في جرائم الحرب، ولابد من المحاسبة لأنها هي المتبقية لنا في عدم الحل السياسي. الشعور بأن هناك حق وإنصاف مهم جدا،
وربما يردع البعض عن تصرفاتها وحتى حكومة دمشق تدرك ذلك، في أنهم يجب أن يدركوا ذلك”.
فيلاند: “العقوبات الدولية تؤلم النظام السوري، وكان يصرخ بسببها، وبعد 13 عاما نفقد تسلسل الأحداث،
العقوبات هي القوى الناعمة التي يمكن هناك السيطرة عليها دون التدخل العسكري”.، موضحا أن التحالف السوري الديمقراطي يجب أن يغير الصورة النمطية عن السوريين وكيف يعملون على الاندماج والتعايش في ألمانيا ويقوم بعضهم حتى بالإبلاغ عن مجرمي النظام وتنظيم الدولة الإسلامية، وهؤلاء غير مسموع أصواتهم”.
وانطلقت اليوم الجمعة، في العاصمة الألمانية، المؤتمر السنوي الأول للتحالف السوري الديمقراطي والذي يسعى لإعادة الزخم للقضيّة السورية دوليا، بعد 13 عاما من الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، ويشارك في المؤتمر الذي يعقد على مدار يومي الجمعة والسبت، عشرات من السياسيين ومنظمات المجتمع المدني السوري من المغتربين في أوروبا، والسياسيين الألمانيين؛ بعد أن نجح اللقاء الأول في بناء كيان سياسي تحالفي، يضمّ مجموعة من الكيانات السياسية والمدنيّة والشخصيات المستقلة.