التحالف السوري الديمقراطي
المكتب السياسي
2/4/2025

موقف التحالف السوري الديموقراطي من إنشاء الأمانة العامة للشؤون السياسية

بتاريخ 27/3/ 2025 أصدرت وزارة الخارجية السورية القرار رقم (53) القاضي بإحداثِ قسمٍ جديدٍ ضمنَ هيكليةِ وزارةِ الخارجيةِ والمغتربين تحتَ مسمى الأمانة العامة للشؤونِ السياسية. وحدد القرار ثلاث مهام رئيسية لها، هي:

• الإشراف على النشاطات السياسية الداخلية.
• المشاركة في صياغة السياسات العامة.
• إعادة توظيف أصول حزب البعث والجبهة الوطنية.

إنَّ الخطورة الجوهرية لا تكمن فقط في المهام المعلنة لما سُمِّي بالأمانة العامة للشؤون السياسية، بل في وجود هذه الإدارة بحدّ ذاته، ككيان مستحدث ضمن وزارةٍ لا تملك أصلاً أي ولاية دستورية أو قانونية على الشؤون السياسية الداخلية. فإحداث هذا الجسم الإداري خارج الأطر التشريعية، وبتجاوز واضح لمبدأ الفصل بين السلطات، يعني تأسيس آلية جديدة لإدارة الحياة السياسية من داخل السلطة التنفيذية، لا من خارجها أو بتوازن معها. وهذا يُعيد إنتاج ممارسات الحكم الاستبدادي بوسائل بيروقراطية توظّف هيكل الدولة نفسه، وموارده، لإعادة هندسة المجال السياسي بما يخدم بقاء السلطة، لا بناء الانتقال. إن مجرد إنشاء هذه الإدارة يُمثّل خرقًا مبدئيًا لترتيبات المرحلة الانتقالية، ويجعل من العمل السياسي امتدادًا للهيمنة، لا فضاءً للتعدد.

وفي هذا الشأن يرى التحالف السوري الديموقراطي:

1- أنّ هذا القرار محاولة من قبل السلطة الجديدة لإعادة هيكلة النظام السياسي في سوريا بعد مرحلة الفراغ الناجمة عن حل الأحزاب التقليدية، التي كانت تشكل العمود الفقري للنظام البائد وأيضا حل الأحزاب والتنظيمات السياسية التي نشأت بعد الثورة. إلا أن تنظيم العمل السياسي الجديد ليس من اختصاص وزارة الخارجية، بل يجب أن يتم وفقًا لقانون الأحزاب الذي سيصدره مجلس الشعب، وذلك استنادًا إلى المادة 14 من الإعلان الدستوري، والتي نصت على أن: “تصون الدولة حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقًا لقانون جديد، وتضمن الدولة عمل الجمعيات والنقابات.”
2- أنّ تأسيس النظام السياسي من مهام السلطة التشريعية.” وليستْ من صلاحياتِ لا وزيرِ الخارجيةِ، ولا رئيس الجمهورية كسلطةٍ تنفيذيةٍ حسب المادة /2/ من الإعلانُ الدستوريُّ، التي تنص على: „تؤسس الدولة لإقامة نظام سياسي يرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات، ويضمن الحرية والكرامة للمواطن”.
3- أنّ إحداثَ إدارةِ جديدةِ في هيكليةِ وزارةِ الخارجيةِ، يتضمن تعديلًا لملاكِ وزارةِ الخارجيةِ الذي لا يتمُّ بقرارٍ من الوزير، بل بقانونٍ تصدرهُ السلطةُ التشريعيةُ.
4- أنّ القرار يخالف نص المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2016 الذي حدد عمل وزارة الخارجية والمغتربين في سوريا بـــــــ ” تنسيق وتنفيذ السياسة الخارجية للدولة، وتمثيل سوريا في المنظمات الدولية، ومعالجة القضايا المتعلقة بالمواطنين السوريين في الخارج”. ولا علاقةَ للوزير أو لوزارة الخارجية بالشؤونِ السياسيةِ الداخليةِ مطلقًا، لأنها من اختصاصِ وزيري الداخليةِ والإدارةِ المحلية. وهذا القرار تجاوز على صلاحية هذينِ الوزيرين.
5- أنّ القرار رقم /53/ المذكور، الذي تنص الفقرةُ الثالثةُ من المادةِ الثانيةِ منه على “العمل على إعادةِ توظيفِ أصولِ حزبِ البعثِ العربيِّ الاشتراكيِّ وأحزابِ الجبهةِ الوطنيةِ التقدميةِ وما يتبعُ لها من منظماتٍ ولجانٍ منحلةٍ بما يخدمُ في المهامِ والمسؤولياتِ السياسيةِ والوطنيةِ.”، أنّ فيه تجاهلٌ واضحٌ لمبدأ دستوري يقول: “الأموال العامةً مُلكٌ للدولةِ السورية „ والتي تدار من قبل مجلس الشعب الذي يصدر القوانين الخاصةَ بها، حسب ما ورد بالإعلان الدستوريّ، ولا تدار وفق منطق التسلطُ والاستحواذُ، من قبل أحد أطراف السلطة التنفيذية.
ويلاحظ التحالف أيضًا مخالفة القرار للكثير من نصوص القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي اعتبر الإعلان الدستوري ما وقعته الدولة السورية جزءًا لا يتجزأ من التشريع السوري. فهو يخالف نص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) – 2003 التي صادقت عليها سوريا بتاريخ 15 آب 2008، والتي تعالج سبل منع الفساد في المؤسسات العامة، بما في ذلك إساءة استخدام الأموال العامة لأغراض سياسية.
كما يخالف نصّ المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) – 1966 الذي انضمت سوريا إليه عام 1969 ويعطي حقوقًا متساوية لجميع المواطنين في المشاركة السياسية، دون تحيز أو استخدام غير قانوني للموارد العامة.
ويلاحظ التحالف أيضًا أنّه رغم صدور قرار حل جميع الفصائل والتشكيلات السياسية التي نشأت خلال الثورة السورية، عن مؤتمر إعلان النصر وتنصيب الرئيس، إلا أن دائرة الشؤون السياسية (الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام ) لا تزال تمارس أنشطتها في المحافظات، وتتدخل في تعيين مدراء المديريات، فضلاً عن تدخلها في شؤون منظمات المجتمع المدني

والنقابات المهنية، وهو أمر يثير القلق، نظراً لحساسية السوريين الشديدة تجاه هيمنة الحزب الواحد والقائد على الحياة السياسية و على الكيانات المدنية ويعيد إنتاج هيمنة السلطة عبر آليات مؤسسية جديدة ، باستخدام موارد الأحزاب المنحلة وهو استمرار النموذج السلطوي ولا يساعد على تحقيق تحول سياسي حقيقي.

إننا في التحالف السوري الديموقراطي نطالب الحكومة السورية بما يلي:

1- إلغاء القرار رقم 53 تاريخ 27/3/2025 وكافة مندرجاته وبأثر رجعي.
2- حل دائرة الشؤون السياسية انطلاقًا من الالتزام بالإعلان الدستوري وقرارات مؤتمر إعلان النصر والتنصيب.
3- فتح حوار جاد وشامل مع كافة القوى السياسية، بما يضمن الوصول إلى أرضية مشتركة للعمل السياسي الديمقراطي.
4- إلغاء أي قيود أمنية أو إدارية تحدّ من حرية العمل الحزبي، وضمان بيئة سياسية تتيح التنافس الحر بين التيارات المختلفة.
5- تبني سياسات تضمن مشاركة الجميع في صناعة القرار، باعتبار ذلك المدخل الأساسي لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.
6- الإسراع بإصدار قانون الأحزاب، يضمن تنظيم الحياة السياسية وفق أسس قانونية واضحة تحترم إرادة السوريين والسوريات.

التحالف السوري الديموقراطي