مقدمة
مضت عدّة أشهر على سقوط نظام الأسد، وأصبحت معالم الطريق إلى سوريا شبه واضحة في خطوطها العريضة، وهذا يستدعي من جميع القوى السورية وضع تصوراتها للمرحلة الراهنة الموصوفة بالانتقالية، كما يقتضي بالضرورة التحضير للمرحلة التي تليها، أي مرحلة الاستقرار النهائي التي يُفترض أن يحكمها دستورٌ دائمٌ للبلاد.

المبادئ الأساسية التي ينطلق منها التحالف

1- سوريا ملك للمواطنين والمواطنات على اختلاف مناطقهم، وانتماءاتهم القومية، والدينية، والسياسية.
2- الدولة السورية لا تُختزل بأية سلطة حاكمة حتى ولو كانت شرعيتها كاملة، شعبيًا، وثوريًا، ودستوريًا، ودوليًا، وتمد يد التعاون والشراكة لكل دول العالم على أساس المساواة واحترام مبدأ السيادة والقانون الدولي وجميع الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها سوريا.
3- الدولة السورية هي الجهاز الوحيد الذي يملك السلاح ويحتكر العنف بموجب الدستور والقانون، ويجب أن تُدار بمنطق المؤسسات لا الجماعات والأفراد. وتلتزم الدولة السورية بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والاقتصاد الاجتماعي الحر، وتعتمد الحوار والحلول السلمية بدلا من المواجهة.
4- الدولة السورية ملك لجميع المواطنين والمواطنات السوريين والسوريات، ويجب أن تكون حيادية تجاههم جميعًا فلا تميّز بينهم على أساس الدين، أو القومية، أو المنطقة، أو الانتماء السياسي، ولا تتبنى أي دينٍ أو معتقد، وتضمن حق وحرية ممارسة الشعائر للجميع، وتعتمد فصل الدين عن الدولة، بل تحميها جميعًا وترعاها على قدم المساواة.
5- النصر الذي تحقق في 8 كانون الأول عام 2024 جاء ثمرة تراكم نضالات السوريين والسوريات على مدى أربعة عشر عامًا منذ انطلاق الثورة السورية، بل هو امتداد لنضالات أجيالٍ كاملة منذ عقود، وهو ليس حكرًا على الفصائل المسلّحة، ولا حتى على الطيف المحسوب على الثورة والمعارضة، الشعب السوريّ كلّه ساهم في هذا النصر، ولا يُستثنى سوى المجرمين والقتلة ومرتكبي الانتهاكات والفاسدين الذين نهبوا ثروات البلاد.
6- التغيير الذي حصل بسقوط نظام الحكم البائد ليس نهاية المطاف، بل هو مقدّمة لإعادة بناء سوريا الجديدة دولةً مدنية ديمقراطية تعددية لامركزية تُعلي قيم المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان وكرامته فوق كل اعتبار، دولة دستورية يسودها القانون وتتكامل فيها السلطات رغم استقلالها، دولة تكون فيها الحريّة والكرامة الإنسانية قيمًا مقدّسة لا يمكن مسّها.
7- إعادة البناء والإعمار لا تقتصر فقط على البنى المادية التحتيّة للبلاد من مرافق عامة ومساكن وغيرها، بل هي إعادة بناء المجتمع السوري ليكون كما يستحق، مجتمعًا تعدديًا متنوعًا، وإعادة بناء الهُويّة الوطنية السورية الجامعة التي يجب أن تصبح فخرًا لكلّ من يحملها، وأن تصبح ناظمًا لوحدة الانتماء رغم التعدد، والتي لا تتعارض مع الهُويات الفرعية، بل تكمّلها.
8- الفضاء العام ملك للجميع وليس حكرًا على السلطة السياسية الحاكمة، والشأن العام مسؤولية جميع القوى السياسية والمدنية والمجتمعية، ولا يمكن منع الأفراد أو الأحزاب أو التنظيمات المدنية من العمل فيهما، بل يجب تنظيم هذا العمل بموجب القانون، ولا يتوقف العمل والنشاط السياسي والمدني على صدور القوانين هذه لأنّه ينطلق من مبدأ الأصل في الأشياء الإباحة، وهو ليس حقًا، بل واجبٌ أيضًا.
9- القرارات المصيرية التي تمسّ البلاد كلّها لا تملك أيّة سلطة مهما كانت شرعيتها التفرّد فيها، بل لا بدّ من عرضها على الشعب للاستفتاء العام، وقبل ذلك على السلطات أن تعرضها للنقاش الوطني المفتوح لتكون قرارات المواطنين والمواطنات نابعة من معرفة مستنيرة ودراية كافية.
10- المعارضة جزء أساسي ورئيس من الحياة السياسية، والدولة تتسع للسلطة وللمعارضة معًا، ويجب أن يكون النهج السياسي قائمًا على الاحترام المتبادل بين السلطة والمعارضة، ويجب أن تُمكّن الدولة المعارضة من استخدام المرافق العامّة والمنابر الإعلامية دون إعاقة أو منع أو تمييز كما تسمح للسلطة بذلك.

خطوات منقوصة لا بدّ من استكمالها

1- فتح حوار وطني موسّع شامل ومستمر وصولًا إلى مؤتمر وطني جامع لإنتاج عقد اجتماعي سوري جديد.
2- تعديل الإعلان الدستوري الراهن وإعادة إنتاج دستور سوري تشميلي بالاستناد إلى مخرجات المؤتمر الوطني وبما يتضمن المبادئ العشرة أعلاه، وأن يشترك في إنتاجه وصياغته القوى السورية المتنوعة سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا.
3- إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة وأهمها الدفاع والأمن بما يضمن ضبط السلاح المنفلت وضمان الحريات الفردية والعامة وحقوق الإنسان.

4- انتهاج مسار سوري متكامل من العدالة الانتقالية، يستفيد من تجارب الشعوب الأخرى ويستند إلى مخرجات المؤتمر الوطني الجامع ويضع مصالح الضحايا في صميمه ولا يستثني أحدًا منهم على أساس القومية أو الدين أو الطائفة أو المذهب أو المنطقة، ويشمل جميع الانتهاكات والمنتهكين بلا استثناء.
5- المساواة التامة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات، والفرص، والمشاركة، والتمثيل، وتعزيزها، وضمانها دستوريًا، وقانونيًا، وفعليًا.

تموضع التحالف السوري الديمقراطي وتوجهه الاستراتيجي

انطلاقًا مما سبق، يرى التحالف السوري الديمقراطي نفسه ضمن البيئة السورية الراهنة من خلال المواقف المبدئية التالية:

• يرى التحالف أنّ الشرعية لا تبنى فقط على الثورية والفصائلية العسكرية، إنما يجب استكمالها دستوريًا وإجرائيًا بما يعزز الوحدة الوطنية وباستكمال الخطوات المنقوصة الواردة أعلاه.
• يؤكد التحالف على أهمية بناء الدولة السورية الجديدة، ويثمّن كل الخطوات الصحيحة والقرارات الصائبة التي تؤدي إلى بناء هذه الدولة، لكنّه بالمقابل يرى أنّ من حقّه ومن حق جميع القوى السورية ممارسة النقد وتقديم البدائل الموضوعية سلميًا، بكل الطرق الدستورية والقانونية، ومعارضة أي انحراف في النهج أو السلوك وأي قرار أو تصرّف لا يصبّ بالمصلحة الوطنية.
• يعمل التحالف مع جميع القوى السياسية والمدنية الديمقراطية والليبرالية والعلمانية السورية، ويسعى لتشكيل جبهة عريضة معها للمشاركة الفعّالة في الشأن العام.
• يعمل التحالف على المشاركة في إعادة بناء الدولة السورية الجديدة، ويعمل على إعادة بناء الهُويّة الوطنية السورية، ويسعى للوصول إلى السلطة بالطرق الدستورية والقانونية لتنفيذ رؤيته التي تمثّل تطلعات شرائح واسعة من المجتمع السوري.

التحالف السوري الديمقراطي