التحالف السوري الديمقراطي
المكتب السياسي
13/8/2025
يتابع التحالف السوري الديمقراطي بقلق واهتمام بالغين التطورات الأخيرة على الساحة السورية، لا سيما الوضع في محافظة السويداء، والتحركات العسكرية والإقليمية والدولية، والجهود الدبلوماسية والسياسية المصاحبة للعملية السياسية. ويؤكد التحالف أنّ قراءة هذه التطورات يجب أن تتم دائماً ضمن الإطار القانوني والدستوري والسياسي الوطني والدولي، وعلى رأسه القرار الأممي 2254، الذي يظل المرجعية الأساسية لأي حل شامل ومستدام للأزمة السورية.
إن ما ورد في البيان الرسمي لوزارة الخارجية والمغتربين حول ترتيبات إنهاء الأزمات المحلية في السويداء، وزيادة دخول المساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات، وتهيئة الظروف لعودة النازحين هو أمر إيجابي، لكنه لا يُشكل إنجازاً مستقلاً. فهذه استحقاقات أساسية وواجبات أصيلة لأي سلطة وطنية، ويجب تنفيذها ضمن مسار وطني جامع، بعيداً عن أي صفقات سياسية مؤقتة أو ترتيبات أمنية ظرفية، أو تدخلات إقليمية ودولية قد تمس السيادة الوطنية.
ويؤكد التحالف أنّ أي خطوات محلية أو إقليمية، مهما بدا طابعها إيجابياً، ستظل ناقصة وغير مشروعة سياسياً إذا لم تُدرج ضمن الإطار الوطني والدولي الشامل، الذي يحرّر القرار الوطني السوري من أي ارتهان خارجي، ويصون وحدة الدولة وسيادتها على كامل الأراضي السورية.
وبهذا الصدد، يشدد التحالف على أن أي مصالحات مجتمعية في السويداء يجب أن تنطلق من إرادة الأهالي وضمان حقوقهم الأساسية وأمنهم وتطبيق أسس العدالة على الجميع بلا تمييز أو محاباة ومعالجة جذور التوتر البنيوي، بعيداً عن تفاهمات أمنية ظرفية قد تُستغل لتمرير أجندات خارجية على حساب المواطن السوري.وبالمقابل يتمسك التحالف بالوطنية السورية ويدين استقواء فئات مارقة بالمحتل الإسرائيلي من خلال شكره ومناشدته للتدخل ورفع علمه.
ومع إدراكنا لأهمية أي دعم أو تدخل خارجي وانعكاساته، يؤكد التحالف أنّ الدور الأردني والأمريكي يجب أن يقتصر على خدمة العملية السياسية العادلة، وألا يُستغل لتثبيت وقائع ميدانية أو تعزيز نفوذ أجنبي على حساب مصالح سوريا وسيادتها. وأي محاولة لتجاوز هذا الإطار الوطني الشامل ستقوض فرص التسوية السياسية المستدامة، وتزيد من التعقيدات على الأرض.
وفي هذا الإطار، يلاحظ التحالف أنّ ما يحدث على الأرض اليوم هو نتيجة مباشرة لغياب التشاركية الحقيقية في إدارة الدولة وعدم السعي الجاد لعقد سوري جديد يعيد الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، بالإضافة إلى سيطرة تيار واحد على مفاصل الدولة، ما ساهم في تفاقم الأزمات وزيادة الهشاشة السياسية، وجعل الساحة السورية عرضة للمخاطر الداخلية والخارجية على حدّ سواء.
ويتزامن ذلك مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن يوم أمس، الذي أعاد التأكيد على ضرورة حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان، ودعا إلى عملية سياسية شاملة بقيادة وملكية سورية تحت رعاية الأمم المتحدة. ويبرز هذا البيان الدولي أنّ الحلول الجزئية أو الإجراءات المؤقتة لن تكون كافية، وأن أي تقدم حقيقي يجب أن يُبنى على توافق وطني شامل ومرجعيات دولية واضحة، بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها.
ويعرب التحالف عن بالغ القلق إزاء التصريحات الروسية حول العودة إلى الجنوب السوري والتحركات العسكرية في القامشلي، معتبراً أنّ أي تموضع عسكري خارجي بمعزل عن توافق سياسي شامل يحدده السوريون بأنفسهم، يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة، ويكرّس التدويل ويجعل الملف السوري رهينة لمعادلات النفوذ الإقليمي والدولي، بما يهدد استقرار الوطن.
كما يشدد التحالف على أنّ أي لقاء مرتقب بين وزير الخارجية السوري ووزير الشؤون الخارجية الإسرائيلي يجب أن يتم ضمن إطار شفاف وواضح أمام الرأي العام والمؤسسات الوطنية الشرعية، لضمان عدم تجاوز أي حدود دستورية أو حقوق وطنية، وحماية الموقف الوطني من أي مخاطر سياسية أو أخلاقية. وأي مسار تفاوضي مع دولة محتلة يجب أن يلتزم بإطار تفاوضي معلن وملزم تحت رعاية الأمم المتحدة، ويهدف صراحة إلى إنهاء الاحتلال واستعادة السيادة الكاملة على الجولان السوري المحتل والأراضي التي احتلتها بعد 8 ديسمبر الفائت.
ختاماً، يرى التحالف أنّ اللحظة السياسية الراهنة تمثل فرصة استثنائية لإطلاق مسار وطني جامع ضمن عملية انتقال سياسي شاملة، لا مجرد إجراءات أو تفاهمات منفصلة، بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها، ويحفظ مصالح السوريين على الدوام وفق المرجعية الوطنية والدولية، وفي مقدمتها القرار الأممي 2254. إن أي انحراف عن هذا المسار سيؤدي حتماً إلى تعقيد الأزمة وإطالة أمدها على حساب الاستقرار الوطني.
التحالف السوري الديمقراطي