أولاً: مسألة حذف الأصفار

لقد طُرح مؤخراً خيار حذف الأصفار واستبدال الكتلة النقدية بالكامل باعتباره حلاً لأزمة التضخم وفوضى الأسعار. إننا في التحالف السوري الديمقراطي نؤكد أن هذا الطرح غير واقعي وخطير في المرحلة الراهنة، لعدة أسباب:

– إنه إجراء سيادي واستراتيجي يفترض وجود دولة مستقرة ومؤسسات قوية، لا سلطة انتقالية مؤقتة.

– تكلفته المادية والإدارية باهظة في ظل هشاشة البنية الاقتصادية والمؤسسات النقدية.

– من دون إصلاح نقدي ومصرفي شامل، فإن حذف الأصفار لن يعالج التضخم أو يعيد الثقة بالعملة الوطنية، بل قد يفاقم حالة عدم الاستقرار.

ثانياً: الحلول المطروحة

– إصدار فئات نقدية جديدة (20 – 50 – 100 ألف ليرة) لتسهيل المعاملات والحد من التداول المفرط بالأوراق الصغيرة.

– إعادة تصميم الفئات المتداولة وسحب الأوراق ذات الرمزية السياسية السلبية (صور الطغاة) بشكل تدريجي، بما يرسّخ قطيعة رمزية ونفسية مع الماضي دون إحداث صدمة نقدية.

– تعزيز استقلالية المصرف المركزي، وتوحيد السلطات النقدية في البلاد، واعتماد سياسة نقدية قائمة على الشفافية والافصاح، بما يشمل نشر بيانات دورية عن حجم الكتلة النقدية (M1، M2) وسعر الفائدة والاحتياطات.

ثالثاً: مسألة حبس السيولة

اتبعت السلطة النقدية مؤخراً سياسة تقييد السيولة، عبر سحب جزء كبير من النقد المتداول من السوق. ورغم تقديم هذه السياسة على أنها أداة لمكافحة التضخم، إلا أن الهدف الفعلي تمثّل في إظهار استقرار وهمي لسعر الصرف وخفض الضغط على السوق، على حساب المودعين والفاعلين الاقتصاديين.
لقد أدت هذه السياسة إلى:

– تراجع القوة الشرائية للأسر، وازدياد الفقر.

– تعميق الركود في القطاعات الإنتاجية والتجارية.

– إضعاف الثقة بالنظام المصرفي نتيجة تجميد الودائع ومنع السحب الحر.

رابعاً: الحلول المقترحة

– الانتقال من سياسات تقييد السيولة إلى إدارة مرنة للسيولة عبر أدوات السياسة النقدية المفتوحة (عمليات السوق المفتوحة، معدلات الاحتياطي الإلزامي، سعر الفائدة).

– وضع سقف زمني لإنهاء القيود على السحب النقدي، مع تعويض جزئي للمتضررين من تجميد ودائعهم.

– دعم القطاعات الإنتاجية (الزراعة، الصناعة) بتسهيلات ائتمانية مدروسة، بدلاً من تجفيف السيولة.

خاتمة

إننا في التحالف السوري الديمقراطي نرى أن أي سياسة نقدية لا تنطلق من حماية المواطن واستقرار معيشته ستكون مجرد إجراءات شكلية قصيرة الأمد. إن المطلوب اليوم هو حوار وطني حقيقي –اقتصادي أيضاً– يرسم أسس سياسة نقدية عادلة وشفافة، تعيد الثقة بالعملة الوطنية، وتوحد السلطات النقدية، وتفتح الطريق نحو استقرار اقتصادي مستدام.